الثلاثاء، 9 ديسمبر 2014

كي أصلب مرتين





لا تَتْركني
فَحُلمي كَرَمْلِ الشّواطئ
والعَواصِفُ تشْتهي جسَدي البِلّوِري
وَأهْدابي!

تَقْصِدني الأعاصيرُ  حين يَشْتَدُّ 
وتَنْشُدُ الجبالَ كفْري!  


امْسَحْ عَنّي، 
عَرَقَ الأيّام الضّائعة
فَمَلابِسي السَّماوِيَةَ رَثَّةٌ
وَقَواريرُ الحُزنِ عِطْري


أدْخِلني غاباتِ كَوْنِكَ
وازْرَعْني بِشُرْفَةِ عَيْنيْكَ
ولا تُعِدْني لِإسْمي


أبْعِدْني 
أبْعِدْني هُناكَ،
واخْتَلِقْ كُل الأكاذيب والخدَعِ


اخْتطِفْني 
وخبِّئْني بِجَفْنيْكَ حَتّى لا تلتَقِطَني
مُفْرداتُ الكُفْرِ 


اتْرُك لِلرّيِح
أنْ تَجْرِفَ قَصائِدَ الضَّبابْ
فَما أنا سوى سَماءٍ مُلَبّدةٍ بِمَطَر عَيْنَيْكْ
أمْنَحُكَ مَدايْ
وَتضمْنَحُني سَديمُكْ
              
 تَعالَ    
 تَعالَ ودثرْني بِحُزْنِ الآلِهَةِ
وَحُلمِ الأنْبِياءِ
وألَمِ الزُّهادِ

تَعالَ لنُعيدَ للفِرْدَوْسِ
انْسِيابَ الرّيحِ وسَلامَ الروحِ والغَيْمِ والتُرابِ 
فلِلْهَمْس تاريخٌ لذيذٌ
فَتَدَثّرْ بِهَمْسي! 

لَيْسَ غريباً أنْ أضاجِعَ البَحْرَ 
وأقَبِّلَ شِفاهَ الزَّبَدِ
ثمّ أقدّمُ جَسَدي قُرْبانا للرّيحْ 


فَأنا مِنْ صَلاةِ الغَيمِ أتَيْتُ
ألْقَتْ بي أزقةٌ مَنْسِيةٌ
على مَفْرَقِ الحُزْنِ،

رَتَّلتْني ناياتُ الأمْسِياتِ البارِدَةْ
وشَذبَتْ روحي سَعابيبُ 
الوَجَعِ 
كَيْ أُصْلَبَ مَرتَيْنْ
مرةً عَلى شِفاهِ الإلَهْ
ومَرةً على َشهَواتِ الشَّيْطانْ

فتعالَ
تَعالَ لأُنْجِبَكَ 
ألْفَ مَرَّةٍ
وأكْتُب عَلى صَدْري
أسْماءَكَ المُخَبَّأَة تحتَ المَطَرْ
نُعيدُ للتاريخِ سَلامَهُ
ونُبَدِّدُ ساحاتِهِ الموحِشَةْ
فَتَنْطِقُ بِاسْمِنا الجَديدْ،
أسْفارُ الكوْنِ

لِتَكُنْ كَفُّكَ 
زُمُرُّدا
ألقَتْ بهِ الأمْواجُ عَلى صَدْري 
وِأصابِعك فِرْدَوْسا
يداعب ضِفَّتَيْنِ شارِدَتَيْنْ 

أيُّها الآتي مِنْ سِفْرِ الأحْلامِ
فَجِّر في أحْداقي أشْلاء السّدمِ
ومَزاميرَ الرُّهبانِ 

وانْتَخِب لِوَجْهي 
اسْماً 
مِنْ أحلامِ االناياتْ

فَما أنا سِوى هَباءٍ 
ينْسابُ عَلى قارِعَةِ مَجَرَّةْ
 وَحُلْم حَزينْ
فَتَكَتْ بِهِ العَواصِفْ
وَنَقَشَتِ الأوْهامُ أساطيرَ المَكْرِ 
عَلى وِجْهِهْ

الاثنين، 1 ديسمبر 2014

كَأنْثى... عَذْبَةُ اللَيْلِ


شَساعَتي بِوِسْعِ الغُموضِ، بَريقي غائِرٌ في كَثافَتي يَحْمِلُ جُنوني،
مَوْجُهُ مِنْ زَبَدِ الفَراغِ !

عَلى جَفافٍ داكِنٍ أتَقاطَرُ .... ذاتَ غَفْوَةٍ لِلكَوْنِ،
بُذوري مِنْ بَطْنِ الريحِ، أنْتَشِلُها وَأسْتَلّ ضَوْئي مِنْ غِمْدِ المَسافاتْ

قامَتي بِحَجْمِ الهُبوبِ
في كُلِّ رَبْوَةٍ أتَفاقَمُ آلِهَةً أوْ أعودُ فَضاءً بِحَجْمِ الكَفّ ...! 

مَنْ يَتَقاسَمُ الفَجْرَ مَعي وَيُبيحُ نُعاسُهُ لِلصّحْوِ، فَنَبيذي كَرْمٌ مُتَعَرّشٌ 
في الغِيابِ !

ذاكَ الوَجَعُ المُلْتَوي عَلى خاصِرَتي، يَسْتَلّ نَجيعَ نَبْضي
كَأنْثى... عَذْبَةُ اللَيْلِ 
أوَزّعُ النَوّ بَيْنَ حُجّاجي
وَأذيقُهُمْ سَلَاسَةَ الحُبِّ..!

سُقْتُ بُروقاً جَديدَةً بِأعْناقِ المَتاهِ وأعْلَنْتُ أنّني 
غَيْمَةٌ شارِدَةٌ ذاتَ هَفْوَةٍ
بَيْنَ أهْواءِ السَماءِ وَمَصيصِ التُرابِ

الآنَ أحْمِلُ فَراغي إلى أكْبَرِ مُسْتَعْمَرَةٍ مَنْسِيَةٍ
وَهَيْكَلِ أنْثى وَبَقايا وَجْهٍ ضاعَتْ نُبوءَتُهُ 
أرْكَبُ صَهْوَةَ البَنَفْسَجِ وألتَهِمُ صُكوكِ الرَبِّ

أتَلَوّنُ..... أتَفاقَمُ في غُروري
كَما حُلْمٍ جامِحٍ
يَحْتَرِقُ في ثَنايا السَرابِ

الجمعة، 21 نوفمبر 2014

حوار \ نادي الجسرة الثقافي

المدينة التي نحبها \ نص جديد في ثقافات



http://www.thaqafat.com/News.aspx?id=9447&sid=3#.VG-Y2pVxlD4


الهزيمةْ:
أنْ تَتَخلّى عَنْ حُلْمِكْ 
تَحْمِلُ قُبّعَةً
 وَبُنْدُقِيَةْ 
وَتَخْتَرِعُ الحَرْبْ!


 الألم يُدَرّبُ أصابِعهُ وَيَمْشي حَثيثاً 
الألَمْ: هُوَ أنْ تَلْتَزِمَ الصَمْتْ
وَتَتَمَرّنَ عَلى قِطْعَةٍ موسيقِيّةٍ تُؤدي إلى الإنْتِحارْ

أسْماؤنا
 لمْ تَكُنْ شَيْئاً مُهِماً 
لمْ تَكُنْ يَوْماً تُشْبِهُنا

أسْماؤنا 
تُشْبِهُ كَلْباً بوليسِياً يَحْرُسُنا 
بِإيعازٍ مِنَ الآخَرينْ

المَدينَةُ التي نُحبُّها 
رَتّبَتْ أحْزانَ اللهْ؛ 
في القَصيدَةِ تَغاضَتْ عَنْ أسْماءِ الفُقَراءِ
والمُعْتَقَلينْ

حينَ تُدَخّنْ،
 تَوَرّطُ هَذا العالَمْ 
تُمَرّرُ أسْماءَ المُعْتَقَلينْ 
بَيْنَ نَهْدَيْها
وتُعِدُّ لِلعَشاءِ الأخيرْ
فِكْرَةً جَديدَةْ

لا تَجْزَعوا عِنْدَ سَماعِ
هَزيمَ ريحِها

صَوْتُها ألَمٌ عَتيقْ: رائِحَةَ الحُبّ وَالسِجْنْ

حينَ تَبْكي السَماءُ
 يَنْتَشي الرَبّ
وَتَتَحَرّرُ المَدينَةُ
منْ قَصائدِها

جَسَدُها مِساحَةٌ مُثيرَةٌ
لِلغِوايَةْ

 مَنْ يَذْكُرُ هَمْسَ حَنينِها
وأغْنِيةَ النَوارسِ
المُشَفّرةْ!

ما زالَ مَضْيَقُ البَحْرِ يَبْكي؟
إنَهُ فَمُها الشَهِيْ 
إنّهُ صَغيرٌ 
بِحَجْمِ قَبْرٍ صَغيرْ

يَبْتَلِعُ أحْلامَ 
العابِرينْ ويَسْرِقُ أصْواتَهُمْ


انْظُروا  لعَيْنَيْها 
تُشْبِهُ قَصيدَةَ حُبٍّ 
بِرائِحَةِ الكَسْتَناءْ 

مارَأيُكُمْ في الحُبْ؟ 
كَبيرٌ كَهَذا البَحْرْ
مُرْعِبٌ كَهَذهِ المُحيطاتْ
وَحَزينٌ 
كَقَلْبِ هَذِهِ المَدينَةْ 

ما يَنْقُصُ هذا الحُبّ:
قِطْعَةَ قُماشْ 
وريشَةَ رسّامٍ؛  
وشاعِر مُكْتَئِبْ!

لِنَبْدَأُ جَميعاً، بِتَغْييرِ أسْمائِنا
نَتْرُكُ المَدينَة الشَهِيّةْ
تَغْفو
لتَنْسى قَليلاً
أسْماءَنا
وتَتَلمّسُ نَهْدَيْها
في راحَةٍ كامِلةْ 


سَتَعْترفُ بِأنّنا أتْعَبْنا 
ذاكِرَتِها

سَماؤها العابِسَةْ 
سَتُخْبِرُها
فيما بَعْدْ 
عَنْ بَقِيةِ الحِكايَةْ

عَنْ زُجاجاتِ عِطْرٍ 
تُذَكّرُنا بِفَشَلِ الحُبْ

عن حَقائِبِنا 
تَنْتَظِرُ عَلى رَصيفِ المحَطّاتْ 
عَنْ امْتِداداتٍ تَرْبِطُنا 
بِالحُزْنْ 

عَنْ تَضاريسِها
 المُسْتَباحةْ

عن الألمِ 
يُفَجّرُ أحْشاءها 
وأشْياءَ مُرْعِبَةْ

عَنْ أحْلامِ الضائِعينَ 
في البَحْرْ 
عنْ قَضايا تَسْتَسْلِمُ للغَيْبوبَةْ
عَنْ طوفانٍ مُرْعِبٍ
سيمُرَّ 
مِنْ هُنا


الاثنين، 10 نوفمبر 2014

للبعد سيرة سيئة




حينَ يَتعَلّقُ قَلْبي

بِعَيْنكْ


لا أحِبُّ وَضْعَ
رَغَباتي الصغيرةْ
في صُنْدوقٍ قَديمْ


وأنْتَظِرْ

وَلا أنْ أحيطها
بِالأدْعِيَةْ والتَعاويذْ 

ليْسَتْ هِوايَتي أنْ
أحْتَفِظَ بِالجِراحِ
القَديمَةْ


ولا بِلَحَظاتِ الوداعْ 

لَمسَتُكَ 


أريدُ لَها
حَديقَةً مَليئَةً
بِالأشْجارْ
وَالمَجانينْ 

قُبْلَتُكَ 


أريدُ لها
أنْ تَنْحَتَ أيْقونَةً عَلى عُنُقي

روحي الآنَ كَسَريرٍ بارِدْ
ثِمّةَ فَراغٌ قاتِلْ

وخَلْفَ السريرِ
تَنامُ أحْلامي وَحيدَةً
تَرَتّقُ المَسافاتِ
والصَمْتْ


فَلِلبُعْدِ
سيرَةً سَيّئَةْ


الجمعة، 7 نوفمبر 2014

رعب


           كل يومٍ نَقْترفُ نَفسَ الجَريمةْ

            عَلى نَفسِ الطاولةْ: نَشربُ 
            الشايَ معاً  
            نَتأمّلُ بَعضَنا
              بِصَمتٍ مُريبْ
            كلّ واحدٍ مِنّا يَتمنى
            للآخَرِ مَوْتاً سَعيداً

            لا أدْري

             لمَ كلّ هَذا الحبْ؟

            كلّ صَباحٍ نُمارسُ نَفسَ الطقوسْ

           ونَفسَ الأمنِياتِ 
            المرْعِبةْ
           ثمّ نَحشوها بالرَصاصْ 
           كيْ تُصيبَ الطلْقةُ هَدَفَها

           في المساءْ

           نَشْربُ القَهْوةَ بِهدوءٍ تامْ 
          عَلى أمَلِ أنْ يَكونَ المسَدّسُ جاهِزاً
           حتى نَرْتَكبَ الجريمَة 
          دونَ أثار للدِماءْ

الأحد، 5 أكتوبر 2014

حبة مسكن




أضَعُ فِنْجانَ قَهْوَتي
الوَحيدْ
صَباحَ العيدْ
أذَبَحُ صَدْري بِسِجارَةْ
أقولُ لِقَلْبي: تَمَهَّلْ
وَلِروحي
لا تُصَدّقي كُلّ التَعازي
البالَيَةْ
لا أشْتَكي عادَةً
حينَ يَتَعَفّنُ الجُرْحْ
عادَةً
لا أنامُ حَتّى يُغادِرُني اللّيْلْ
في سَبيلِ فِتْنَةِ الصَباحْ
أبيعُ أطْرافَ قَلْبي
وأشْتَري
حَبّةَ مُسَكّنٍ لِلْعيدْ
-----------------------
فتافيت الخريف

الثلاثاء، 30 سبتمبر 2014

كلمة الحياة ما يرعبني!!




أيّها العالِمْ 
أيّها الحُزْنْ

لمْ يَبْقَ غَيْرَ هُنَيْهاتٍ قَليلَةْ

أنا الكائِنُ
الجَريحُ

جِداً

احْتَرِسْ مِنْ
دُموعي

وَاتْرُكْ
لِعُمْري بَقِيّةً

مِنْ جِدارْ

يَقيني رَصاصَ العَبَثْ

أحْمِلُ ألَمَيْنْ


وَبَعْضُ فَرَحٍ
لا يَليقُ بِاَلرَحيلْ

كَلِمَةُ الحَياةْ

هِيَ

ما يُرعِبُني!

الأحد، 28 سبتمبر 2014

لقاءً خاصا بجريدة الدستور الأردنية



أتشبث بالشعر ملاذا أخيراً وصوتاً قوياً


<< الأحد، 28 سبتمبر/أيلول، 2014




عمان – الدستور – هشام عودة




وصفت الشاعرة ماماس أمرير بأنها كاتبة شكلتها الحياة بطابع غريب، وكاتبة لمحت حزنا بداخلها فتشبثت به، يربطها بعالم الكتابة فرح وحميمية عميقة، لتقول إن الشعر هو الكوّة التي أنفذ منها إلى داخلي، وبما أن العالم يقتل نفسه كل يوم، وهو معرضٌ للنزوات العابرة، فإنني أتشبث بالشعر كملاذ أخير، وكصوت قوي للتعبير عن فشلنا، عن انكسارنا، وعاهاتنا، آلامنا، وعمق معاناتنا، بعد أن فشل المنظرون في إيصالنا إلى بر الأمان.


وترى ماماس، عضو رابطة الكتاب الأردنيين، أنها بحاجة لتفريغ كل الغضب وكل الحب الذي «بداخلي، فأنا بحاجة لأن أستعيد ذاتي وأرتب روحي، ليستعيد الآخرون بدورهم ذواتهم، وأظن ان هذا الهدف الحقيقي لكل مبدع، فالكتابة وسيلة لتنظيف أعماقنا من الترسبات والأمراض التي تلقيناها طيلة حياتنا، الكتابة وحدها من يحرك هذه الكتل الراكدة بالأعماق».


وتقول، إن غربتي تقع في المرتبة الأولى من معاناتي، إنها قدر مرعب، لكنني أعيشه بحميمية بالغة، وأتعامل معه كطيف لطيف يحملني إلى مكان قصي، رغم أنه يجرحني كثيرا، صحيح أن بعض الملامح تذبل بداخلي، لكنني أحاول أن أكون أكثر انسجاما مع حزن هذا العالم، وحين تؤجج الغربة حنيني، تكون الكتابة صديقة حميمة، للتخلص من الشوائب التي يفرزها الواقع.


أما الآخر بالنسبة لي تقول ماماس واعني به (المتلقي) فهو مبدع آخر بلا شك، ومن دون قارئ ذكي تصبح عملية الكتابة غير مكتملة، فما يربطني بالقارئ: الصدمة، صدمة الحياة التي تجمعنا، وصدمة الفكرة، وصدمة ردة الفعل، رغم أنني أتفهمُ الصعوبات التي نجدها في التواصل بين مبدع ومبدع، ومبدع ومتلق، فالهزيمة افقدتنا الكثير من الوضوح، وأصبح هذا السؤال (الذي ألقاه ذات إبداع ألبرتو منديس) ملحاً لنفهم طبيعة الكتابة والمتلقي: ما الذي يمثله مهزوم بالنسبة لمهزوم آخر، حين ننحت في الجرح ينهض الكثير من الألم، المثقف المهزوم والمتلقي المهزوم، إذن هناك أزمة كبيرة بالفعل، رغم أنّ اكتظاظا كبيرا يبدو جليا في كمية الكتابة دون أن نسجل أي قيمة حقيقية في الحياة الثقافية، وهذه النتيجة محزنة.


غير أن الكتابة عندها تظل هواية ورغبة روح تعبر عن ضيقها، عن أزمتها، وهي مثل الهواء لا يمكن الاستغناء عنها، نافية أن يكون لها طقوس معينة للكتابة، إذْ تؤكد وجود تواصل حميمي مستمر مع الكتابة، فكلما كتبتني أدوِّنها، وكلما غادرتني أحس بالعقم، وفي العادة فإن أحَبُّ الأوقات عندي للقراءة أو الكتابة هي فترة الصباح، لكن بَرْقَ الفكرة يمكن أن يأتي في أية لحظة وفي أي مكان، لذلك دائما أحمل قلما وورقة.


وترى الشاعرة ماماس صاحبة ديوان «نوافذ عاشقة» بالاشتراك مع عدد من الشعراء المغاربة في الكتابة وسيلة قوية وشاسعة تستوعب كل ما من شأنه أن يرهقنا و يشغلنا، غير أن المشكلة تبقى في الحرية، مشيرة إلى أنها تكتب عن غبطة الوجود وما يزعجها ويزعج الآخرين أيضا، وترى كذلك أن الخاص يلقي بدفقه على العام، فتصبح المعاناة متصلة ببعضها، ورغم ذلك لا أكتبُ إلا نسبة ضئيلة من أفكاري الفعلية، لأن مساحة الحرية في العالم العربي تظل محدودة جداً، ويزعجها أن النظرة للمرأة ما تزال ناقصة ويحفها الكثير من التحذيرات والإشارات، وهناك تبرّم كبير من الكتابات الحقيقية، حتى من المثقفين، وهنا تعتقد ماماس أن حجم الصدمة قد يكون غير مناسب لمستوى تقبّلها، وهناك باستمرار من يدفعك للإحساس بالذنب، وما يشغلني الآن هو محاولة توسيع هذه المساحة شيئا فشيئا، رغم أن النتيجة تكون دائما سيئة في التعبير عن النفس، لأن الآخر يفرض عليك مساحة أخلاقية معينة تشوّه الإبداع، وتضطر معها إما للرضوخ واللجوء إلى الهدنة، فتخسر نفسك، أو كسر العديد من المفاهيم عن أخلاق الكتابة وكسب نفسك ومستقبل الإبداع الذي لا يتم إلا تحت سقف حرية عالٍ، إن هذا يشعرني بالرداءة والنقصان، لذلك أكره الادعاء في الكتابة الإبداعية، وقد حلمتُ دائما أن أكون كاتبة سيئة بحجم سوء هذا العالم.


وتؤكد الشاعرة ماماس على الجانب الآخر في علاقتها بالكتابة فتقول: هو ثقافتي الأمازيغية، أكتب بتأثر كامل بالشعر الأمازيغي، وهذا منح كتاباتي ونصوصي ملمحا خاصا، فهي تحمل في الغالب هذه البصمة، بالإضافة إلى التأثر الغني بالثقافات الأخرى، فالمغرب ذو ثقافة أمازيغية عربية، والمعروف بانفتاحه على الثقافات الأخرى البحر متوسطية كالفرنسية والإسبانية، كذلك الفترة التي عشتها في الأردن، بالإضافة إلى تجربة الحياة مع كاتب ومفكر أردني كبير، كان لها تأثير مهم، فكانت حصيلتي زاخرة بزخم ثقافي متنوع، لا يمكن إلا أن تجد بصمته في كتاباتي.


وحول حركة النقد قالت الشاعرة ماماس إنني سأتحدث بصراحة، فالنقد في العالم العربي تنقصه الرعاية والحدب وتحكمه الكثير من التشنجات والمحسوبية والعلاقات والمداهنات والمجاملات، ولا يمكن الاعتماد على حالة النقد لدينا لإنتاج حالة من التوازن بين المبدع والناقد، فأغلب النقاد لا يلجأون إلى النقد أو دراسة نص ما لأنه يستحق، لكن بحكم العلاقات الشخصية يكتبون نقدا، أو هجوما أحيانا، هذه الحالة أصبحت ظاهرة سلبية.


السبت، 16 أغسطس 2014

يوميات امرأة تؤلمني 4


بدأت أفيق على وجع صغيرٍلم أعد أتحمله
لم أعد كما كنت، أصبحت تبدو عليّ بوادر الجنون، أو أن فكرة شريرة تسقط على غفلة من أحدِ، فألتقطها، هذا يحزنني جدا، أصبحت عاقلة، أحرص على ترتيب البيت وطرد الذباب من الغرف وأختم يومي بتنظيف الحمامات وفي الليل أتفقد المطبخ كي لا يكون هناك أي شيء مريب: قلم هنا، رواية هناك، أو نظارتي التي ألقيها أينما حللت تاركة للفوضى أن تخلقني من جديد...
لم أعد أفكر إلا في واجبات تعيسة، هكذا تركتُني أغرق في جو من الرتابة والترتيب وأتساءلت كيف تغيرتُ كيف صرتُ إمراة عاقلة وصالحة؟ كيف حصل كلّ هذا في غفلة مني؟ وكيف شفيتُ من نعمة التوحد، التي تبعدني عن العالم الخارجي، وتجبرني على المكوث داخلي طوال الوقت؟ لقدأصبحت امرأة طيبة، تتصيد الجارات لكي تقضي بقية وقتها في الحديث عن لاشيء، أو تذهب للسوق، تتحمّل حديث أصحاب المحلات الثقيل الذي يحمل الكثير من الغمز واللمز دون أن تصدر عنّي أية ردة فعل، وكيف أسمح للرجال بأن يثنوا عليّ ويعترفوا لي بأنني امرأة صالحة ومطيعة، وبشهادة زوجي ...
وكيف أصبحت أصرّ على إرضاء زوجي بكرم بالغ .. وكيف جعلتُ زوجي يتحدث بثقة كبيرة عني: كيف أغسل له قدميه قبل النوم، كيف صرت طيبة المعشر معه.. أنقل له أخبار الجارات والحي بأكمله، ثم أنام في الليل كبقرة مليئة بالخيرات.
أفعل كل هذا ولم أعرف أو أجرّب إحساساً عجيبا يسمى الحبّ.
أليس هذا غريبا؟

الثلاثاء، 29 يوليو 2014

خبئني



            خَبِّئْني
            في مُقْلَتَيْكَ  
           وازْرَعْني...

           ازْرَعْني
           في حُزْنِ الماءِ والضَجَرْ ..

           ولا تَنْس
           أنْ تَكونَ أسْمائي الغائِبَة 
           تَعاويذُك..

           واسْمَحْ لي.. كيْ ألْثُمَ
           كَفُّكَ الفِضّيْ..

           وألْتَحِف
           رِفاقَ حُزنِك الأبَدي 
           صَمْتُكَ 
          ليْلٌ موحشْ
           وآلامُ البَشَرْ

           خَبْئني في وَجَل شَمْسٍ غاربة
           وَوَجَعِ  شَجَرٍ 
           مُرَقّطٍ بِكَدَماتِ المَطَرْ 

           سَطِّرْ أحْزاني عَلى شِغافِ القَلْب 
           وذَكِّرْ أوْجاعي بدُموع الرّبّ   
           وتَمهل قَليلا 
           كيْ أزْرَعَ أصابِعَكَ 
           في ملكوتي 
    
           أطرزك حَنينا بِقَلْبي 
           ولحْنا أبَدِيا يُعاودُني كالمَطَرْ


الثلاثاء، 8 يوليو 2014

يوميات إمرأة تؤلمني 3

لماذا تفترضُ الإزعاج..!

هناك دائما زوايا مختلفة نتفق فيها ونختلف عليها هذا كل ما في الأمر ما كتبتَهُ شيء رائع لكن توقفك عن الكتابة يشبه الموت الذي يفاجئ أي شخص، يحصل أمام عينيه دون أن يمتلك الوقت ليعبر عن كل ما يختلجه في تلك اللحظة!! لأن الذاكرة كلها تتجمع وتتراكم فوق بعضها تلك اللحظة... ربما هذا ما حصل معي الآن وأنا أقرأ رغبتك في الإنسحاب ...بالنسبة لي أن تعتقد أنك فشلت، هذا شيء محزن ... لا أدري ما هو شكل النجاح لكنني حتما أعرف أن استمرارية أي شخص في التعبير عن نفسه هو شكل من أشكال النجاح التي أحاول تلمسها منذ وعيتُ.. لكنني أمقته أحيانا لأن فيه من الغرور ما يمكن له أن يقتل فينا أشياء كثيرة وجميلة، أما الفشل فهو حالة أعيشها ولا أفهمها سوى حين أنجح في تجاوز نفسي وتجاوز هذا الواقع الهزلي....

الخميس، 3 يوليو 2014

ملاك


كلّ الأخْطاءِ التي

 ارْتَكَبْتُها
كانَتْ جَميلةْ
بَلْ كانَتْ أجْمَلَ شَيْءٍ
أرْتَكِبُهُ في حَياتي
الجميعُ يَسْتَغْربُ ما حَلَّ بي
لكنَّني الآنَ 

أكثَرُ انْسِجاماً مَعَ نَفْسي
سَيُمكِنُني وَضْعُ رِئَةٍ جَديدَةْ
سَتَخْتَفي مَلامِحُ قَهْري
فَالجُنونُ في حَدِّ ذاتِهِ،

 مَسْألةٌ مُلحّةْ
كانَ يَرْتَكِبُني كُلما التَقَيْتُ 

مَوتاً عَلى الطريقْ
فَلا يَحْتاجُ الأمْرُ مِنّي
سِوى، إطلاقُ رَصاصَةْ
أوْ رَصاصَتَيْنْ
وَيَنْتَهي كلُّ شَيْءْ
كلُّ الأفْكارِ البَليدَةِ تَقَعُ تِبَعاً
وَيَكْثُرُ المَوْتى في طَريقي
وَتَعْتَرفُ المَقْبَرَةُ
بِأنَّني ذلك الملاكُ

 الساحِرْ
الذي يَسْحَقُ كلَّ ما مِنْ شَأنِهِ
أنْ يَعْتَرِضَ طَريقَ

 غَيْمَةٍ مُتَهَوِّرَةْ
تَدْفَعُها الريحْ
لإنْجابِ المَزيدِ مِنَ المطرْ

الأربعاء، 2 يوليو 2014

يوميات إمرأة تؤلمني2


الألم والوحدة وفرا لي فرصة هائلة لاكتشاف الصداقة وأشياء كثيرة، في معظمها كانت باردة وسلبية... أخذت وقتا وافرا من الكسل.. تابعت خلاله الكثير من القنوات والمواقع .. كتبت الكثير من الكلمات، والكثير من الأوجاع، ضيعت الكثير من الفرص، وشاهدت الكثير من الدراما لقتل الوقت.. والكثير من برامج الطبخ... واكتشفت أن موهبة الطبخ أيضا لها علاقة بتفكيرنا المضطرب.

يوميات إمرأة تؤلمني




شيء ممل فعلا:
 أن تولد ـ تأكل ـ تشرب ـ تمرض ـ  تحب، تكبر، تحلم بأشياء طيبة وبأخرى فاسدة، و تواجه الكثير من الكوابيس،  يفوق عددها عدد الأحلام الجميلة التي فكرت فيها وتمنيت أن تكون لديك الشجاعة الكافية لتعبر عنها، تضحك قليلا وتتألم كثيرا، وتقنع نفسك بأوهام كثيرة، تقتلك كل يوم، وينتهي ذلك بسلسلة كئيبة من الرغبات المزعجة، تعتقلك الكثير من الأفكار البليدة، والحركات البهلوانية التي تنتج مادة فاسدة، لا تنفع سوى أن تعلقها حول رقبتك، تتحول لقرد لا يكل ولا يمل من تكرار نفس الحركات، ليكسب إعجاب الآخرين، وحين تحاول أن تصبح نفسك، تتحول لشيء مبتذل، فتبحث للشر عن حكمة وموعظة لتلقي بنفاياتك...ما معنى أن تكون كل هذا دون أن تواجه نفسك بهذه الحقيقة: بأنك لا شيء، لا شيء سوى جرح إضافي، يلقي بنفاياته على هذه الأرض...


الأربعاء، 23 أبريل 2014

الحربُ



        أيتُها الشَجَرةْ
        تماسكي
        ولا تَفْزعي منْ
        حَديثِنا
        حينَ يجيءُ ذِكرُ الحَربْ!
        الحرْبُ وَحدَها
        تُرَتِقُ ذاكِرَةَ الرجالِ
        المُتعبَةْ
        الحربُ لا تَخُصّنا
        الحربُ لا تَطْلبُنا
        للحِوارْ
        لا تَأخذُ رأيَنا
        ولا تَأبَهُ
        لبُيوتِنا التي تَحْتَرقْ
        الحربُ
        لعْبةُ آخِر الليلْ
        الحرْبُ
        أوّلُ فِكرَةٍ عابِثةٍ
        اكتَشفَها
        الرجالْ

الأحد، 30 مارس 2014

عمر أمرير في مشارف

  • المجتمع
    الأمازيغي كان مجتمعا ديموقراطيا وقوانينه كانت متطورة وأكثر إنسانية من
    القوانين المعمول بها في المغرب الآن وكان مجتمعا يحترم المرأة ....لقاء
    مهم مع الباحث الأمازيغي عمر أمرير حول الديموقراطية في المجتمع الأمازيغي

رديئة

ها أنا
تَعلمْتُ كيفَ أكونُ رديئةْ
وكيفَ أكتُبُ اسْمي
وقَصيدَتي
عَلى جِدارِ حِكايةٍ
قَديمَةٍ
وأتّهِمُ نَفسي بالحُزنْ
وأبْكي
أبْكي
وأتَذَكرُ مَوتي بَيْنَ أوْراقِها
وأنّها السبَبُ في جِراحي
كيفَ انْطلتْ عليّ
فِكرَتُها البائِسةْ؟
فَقرّرتُ
أنْ أقْصمَ ظَهْرَ الألمِ
وألْقيهِ في قاعِ البِئْرِ التي 
حَفَرْتُها بِداخِلي
كيفَ أوهِمُ الآخرينَ أنّني
حَمَلتُ حُزنَهُمْ
وتَدَرّبتُ عَلى تَلقّي
جِراحهمْ
بَدلاً عَنهمْ؟
ثمّ أفَسرُ لهُمْ كيفَ ماتَتْ تِلكَ الشّجرَةُ
في قَلبي!
دون أن أحسَّ بالخجلْ
ولكيْ أقرّبَ المَسافَةَ بينَنا
أحملُ ثِمارَ الحُزْنِ
 إلى رُكن
في الحَديقةْ
وأقولُ لهمْ: هذهِ جِراحي التي
كانتْ في صَدري
أشْعِلوها
واحْرقوا أحاسيسي
ثمّ أحمِلُ سُخْريَتي
وأغادِرْ
عندَ الصباحْ
أجدُ حُطامَ دُموعٍ
بالقُربِ منْ قَصائدي!
يَقولُ عامِلُ النفاياتِ الطيبْ:
هَذا الرّمادُ بَقِيةٌ منْ حُزنِ الآخَرينْ
أحْرَقوا أحْزانَهُمْ 
ووَضَعوها إلى جانِب 
أحاسيسي التي
كَوّمتُها في الحَديقَةْ
تركوا الرّمادَ وصِيةً أخيرَةً
لِلصباحْ
كيْ يَنْمو
مثلَ رَغَباتِ أطفالٍ حالِمينْ
مَشْهدٌ يَتَكرّرْ
كلّ صَباحْ
ويَنْتَهي عَلى سُخْريَةٍ أحْملها
وأغادِرْ
أنْدَهشُ:
كيفَ تَعَلمتُ
أنْ أكونَ رديئةً إلى هَذا الحَدْ!