الأربعاء، 8 فبراير 2012

وقفتُ إلى جانب البئر \مبارك وسّاط

مبارك وسّاط



لم تـندَّ عنكِ آهة. ولا جبينُك المُتَكَتِّم أطلق العِنانَ لنبضة. فقط، تحرّكين بسبابتك زَبَدَ الحكاية السوداء، التي تنتهي بي ، وأنا أقفُ أمام المشنوق. ولستِ حاضرةً الآن في الغرفة- لأنك تبحثين في الحديقة، عني أو عن السّحليّـة التي غارت في رائحة العسل- فيما، من النافذة، تدلف الآهة، قادمة من فمٍ بَعيد. و تُخدّد الجدران. تحيلُ أغنيتي إلى غبار. وتُحدّب ظهورَ المناضد.ـ
   وإذا بِي على الشاطئ، أمامي السَّحَرة، صهدُ عيونهم حَوّلَ بيوتا عديدة إلى دخان. العالَمُ رهيب، يكرّرون، فتنشبُ حروب في سيقان ويتساقطُ نُخاع شَوْكِيٌّ كثير في صحون الباذنجان المقليّ وتشتدُّ آلامُ كل هائم... وها أنا، من جديد، أمرّر يدي على سنَام المنضدة، وَأُدْرِك أنِّي لن أذهبَ غدا لرؤية عظام جدّي، وأنَّك ستصفينني بالكسول، بالعبثيّ، بالتّائه الأبدي. أحيانًا، تكون ماضيا فـي طريقك، فإذا بنحلةٍ تعترض سبيلِك، تتمدَّد أمامك في عرض الشارع، فتبقَى واقفا فوق ضَحتك، وَيُحيّيك صديقٌ يوناني يَبْذر قمح الإلياذة في أثلام كفِّه اليُسرى.ـ
   سألتِـني مرة هل أخاف النَّحلة وهل تُزعجني قرقعة عظامك أثناء النوم. حدث ذلك ليلةَ شابَ القمر. خرجْنا معا لنسحبَ البساط من تحت أقدام الخريف، الذي اتّهَمَنَا بالتَّحَمُّس لآهاتٍ تدفَعُ الملائكة إلى الانتحار. ثـم استحممْنا، ومضينا إلى الحديقة، فوقفتُ إلى جانب البئر التي تحلم واقفةً. و إذا بي جنب البَحر، فهل كنتُ أحاول أن أنتحر، أم أنّي، فحسب، كنت أبحث عن السّحلية التي غارتْ في رائحة العسل؟
وكان الألم يتساقط- مُوهِما أنّه مطر-على حَدَبةِ منضدة، في الغرفة، حيــثُ صورتي وأنا أمشي على الشاطئ. ويتساقطُ، أيضًا، على ملامس البيانو. موسيقى، موسيقى، فلامنكو، تماما مثلما حدث ليلةَ شاب القمر. وفي الصّباحِ المُوالي جاءتْنا مـن إسبانيــا جرادة،ـ
   وحَطَّتْ على كتفِ أحدهم.ـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق