بدأت أفيق على وجع صغيرٍلم أعد أتحمله
لم أعد كما كنت، أصبحت تبدو عليّ بوادر الجنون، أو أن فكرة شريرة تسقط على غفلة من أحدِ، فألتقطها، هذا يحزنني جدا، أصبحت عاقلة، أحرص على ترتيب البيت وطرد الذباب من الغرف وأختم يومي بتنظيف الحمامات وفي الليل أتفقد المطبخ كي لا يكون هناك أي شيء مريب: قلم هنا، رواية هناك، أو نظارتي التي ألقيها أينما حللت تاركة للفوضى أن تخلقني من جديد...
لم أعد أفكر إلا في واجبات تعيسة، هكذا تركتُني أغرق في جو من الرتابة والترتيب وأتساءلت كيف تغيرتُ كيف صرتُ إمراة عاقلة وصالحة؟ كيف حصل كلّ هذا في غفلة مني؟ وكيف شفيتُ من نعمة التوحد، التي تبعدني عن العالم الخارجي، وتجبرني على المكوث داخلي طوال الوقت؟ لقدأصبحت امرأة طيبة، تتصيد الجارات لكي تقضي بقية وقتها في الحديث عن لاشيء، أو تذهب للسوق، تتحمّل حديث أصحاب المحلات الثقيل الذي يحمل الكثير من الغمز واللمز دون أن تصدر عنّي أية ردة فعل، وكيف أسمح للرجال بأن يثنوا عليّ ويعترفوا لي بأنني امرأة صالحة ومطيعة، وبشهادة زوجي ...
وكيف أصبحت أصرّ على إرضاء زوجي بكرم بالغ .. وكيف جعلتُ زوجي يتحدث بثقة كبيرة عني: كيف أغسل له قدميه قبل النوم، كيف صرت طيبة المعشر معه.. أنقل له أخبار الجارات والحي بأكمله، ثم أنام في الليل كبقرة مليئة بالخيرات.
أفعل كل هذا ولم أعرف أو أجرّب إحساساً عجيبا يسمى الحبّ.
أليس هذا غريبا؟