الأمازيغ والموت
يمكن التمييز بين ظاهرتين ترتبطان بالطقوس الدينية المرتبطة بالموت عند الامازيغ، فقد اهتم الأمازيغ بجانب الطقوس الدفنية أيضا ببناء الأضرحة والقبور، كما قدسوا أسلافهم وملوكهم.
الطقوس الدفنية
كان أسلاف الأمازيغ يدفنون موتاهم في شكل جانبي مثنيا وفي أحيان أخرى في شكل جنبني. وكانوا يصبغون جثث موتاهم بالطين الأحمر أو الاوكر وكانت هذه العادة قفصية أكثر مما كانت ايبيروا-مورسية، وكلاهما يعتبران أسلافا للأمازيغ. كشفت بعض المقابر القبل-تاريخية أنه كانت توضع بعض الأدوات مع الميت كالأسلحة والحلي وقشور بيض النعام، ربما ليستخدمها في العالم الآخر.
خلافا لآمازيغ الشمال افريقي، قام الغوانش وهم سكان جزر الكناري الأصليين بتحنيط جثث موتاهم فكان البعض منها يجفف ويلف بجلد الماعز. اما في شمال افريقيا، فقد عثر فاريزيو موري سنة 1958 عن مومياء ليبية قديمة اقدم من المومياءات المصرية.
تقديس الموتى
إن تقديس الموتى أحد أهم مميزات الأمازيغ في العصور القديمة. وبالفعل فهي ظاهرة قديمة في شمال افريقيا غرب مصر، حيث كتب عنها بومبينوس أنه في أوجلة تعتبر أرواح الأسلاف بمثابة آلهة. اذ انهم يقسمون بها ويستشيرونها في أمورهم ثم ينامون ليتلقوا الأجابات في شكل أحلام.
لم يغفل هيرودت الذي يرجع الفضل إليه بإمداد الكتب التاريخية بأخبار ليبيا القديمة، حيث يروي لنا في الكتاب الرابع في إطار الحديث عن قبيلة الناسمون ما يلي:
يقسمون برجال منهم عرف عنهم الورع والشجاعة في حياتهم، بعدما يضعون أيديهم على قبورهم. وهم يتعبدون بزيارة القبور التلية لأسلافهم، ويستلقون فوقها بعد الصلاة. ويتقبلون كل ما سيرونه في منامهم.
الى يومنا هذا لايزال الأمازيغ يقدسون قبور الأولياء في شمال إفريقيا خاصة في المغرب، البلد الذي يسمى أحيانا ببلد ألف ضريح وضريح، بحيث انه لا تكاد تخلو أي قرية من ضريح يقدسه سكانها حتى بعض المدن سميت نسبة إليها كالمدن التي تبدأ باسم: "سيدي …". ويعرف الولي أو القديس عند الأمازيغ في أيامنا باسم: "أمرابض" وهو الإسم الذي حوره الغرب في لغاتهم إلى: "مرابوط" (Marabout).
الى جانب تقديس الأولياء عبد الأمازيغ ملوكهم ولربما اعتبروهم أنصاف آلهة (Demi-gods)، كما كانت الأضرحة الملكية أبرز المعالم المعمارية التي خلفها الأمازيغ القدماء.
قبور الامازيغ القدماء
يتضح من خلال التنقيبات الاركيولوجية المرتبطة بالقبور القبل تاريخية في شمال إفريقيا ان أسلاف الأمازيغ قد آمنوا بحياة أخرى قبل الموت. كان الإنسان الشمال إفريقي يدفن موتاه في حفر صغيرة، غير أنه ادرك في ما بعد أن تلك الجثث تصبح هدفا للحيوانات المفترسة وليتفادى ذلك قام بدفنها في حفر أعمق كما قام بدفنها في الصخور والقبور الدائرية وفي قبور تشبه التلال كما هو الشأن في قبر تين حينان. الى جانب ذلك كان أسلاف الأمازيغ يدفنون موتاهم في قبور هرمية وهو تقليد قديم يعتقد الأستاذ شفيق أنه يسبق تقليد الأهرامات في مصر. عرفت تلك القبور تطورات عدة بحيث أصبحت الأضرحة الملكية تتميز بالضخامة وشكلها الجميل، وهو ما يتجلى في الهرم النوميدي الذي بلغ ارتفاعه تسعة عشر مترا .وكذا الضريح الموريطاني الذي بلغ ارتفاعه ثلاثين مترا، والهرم الأخير يعرف باسم قبر النصرانية أو الرومية.